رهن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو نتيجة زيارته لدمشق بخطوات ملموسة ستتخذها القيادة السورية خلال أيام لوقف العنف والسير في طريق الإصلاح، وقد أبلغ الرئيس بشار الأسد أوغلو أن بلاده لن تتهاون في ملاحقة ما سماه الجماعات الإرهابية المسلحة. ويتزامن ذلك مع إعلان الولايات المتحدة أنها تجري مفاوضات مع شركائها من أجل تشديد العقوبات المفروضة على نظام الأسد.
وفي تطور سياسي متصل دعت الخارجية الروسية المجتمع الدولي إلى إقناع المعارضة السورية ببدء حوار بناء وشامل مع السلطات، وطالبت دمشق بوقف العنف ومواصلة إجراء إصلاحات عميقة.
ورفض أوغلو في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة عقب عودته من دمشق مساء أمس الخوض في تفاصيل محادثاته مع الأسد وما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، لكنه أشار إلى أن النقاش كان مفصلا ودقيقا في كل شيء، وشدد أوغلو على أن مسار المرحلة المقبلة في سوريا مرهون بالخطوات التي ستتخذ في الأيام المقبلة وليس الأشهر، ووصف الأيام المقبلة بأنها حرجة.
وفي هذا السياق أشار إلى أنه من المهم عدم مواجهة الشعب مع الجيش وعدم تكرار ما حدث في مدينة حماة.
كما أكد أوغلو ضرورة أن تعكس تلك الخطوات إرادة الشعب السوري، مشيرا إلى أنه أوصل إلى القيادة السورية رسائل تركية من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبد الله غل، ونفى نقل أي رسائل أخرى إلى دمشق.
وفي المقابل أبلغ الرئيس السوري الوزير التركي أن بلاده لن تتهاون في ملاحقة ما سماه الجماعات الإرهابية المسلحة من أجل حماية استقرار الوطن وأمن المواطنين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وذكرت وكالة سانا أن الأسد أبلغ أوغلو أيضا بأن سوريا مصممة كذلك على استكمال خطوات الإصلاح الشامل التي تقوم بها، وهي منفتحة على أي مساعدة تقدمها الدول الشقيقة والصديقة على هذا الصعيد.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر سورية أن الأسد عقد ثلاثة اجتماعات مع أوغلو، أحدها مغلق واثنان موسعان بحضور وفدي البلدين، واستمرت الاجتماعات ست ساعات. وقد أكد أوغلو أن اجتماعه المغلق مع الأسد استمر ثلاث ساعات.
وتأتي محادثات أوغلو مع الأسد في محاولة تركية لإقناع القيادة السورية بكبح جماح استخدامها للقوة العسكرية ضد المتظاهرين المدنيين المؤيدين للديمقراطية.
وكان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل أيام أن صبره نفد إزاء ما يجري في سوريا، وأنه سيبعث برسالة حازمة إلى القيادة السورية. لكن مستشارة للأسد ردت على ذلك بأن بلادها ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، وانتقدت تركيا لتجاهلها دور الجماعات المسلحة التي تقول دمشق إنها وراء الاضطرابات.
تصعيد أميركي
من جانبها أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها تجري مفاوضات مع شركائها من أجل تشديد العقوبات المفروضة على نظام الأسد بسبب قمعه للمتظاهرين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نالاند للصحفيين إن واشنطن تشعر بأسف عميق لكون الرئيس الأسد لا يسمع كما يبدو صوت الأسرة الدولية الذي لا ينفك يعلو، وصوت قلق يزداد في حدته ومداه وفي عدد الدول التي تعلن عن مواقفها.
وأضافت أن الإدانة السياسية تتزايد، مذكرة بأن الولايات المتحدة سبق أن فرضت على غرار دول أخرى عقوبات شديدة على نظام الأسد ومسؤولين في نظامه.
وأكدت المتحدثة على أن رسالة بلادها لن تتغير، ومفادها أن ما يفعله الأسد مقزز ومقيت وخطر ويقود بلده في الاتجاه الخطأ، مشددة على أن واشنطن لن تجري أي تعاون سياسي أو إقليمي مع النظام السوري.
وأشارت المتحدثة إلى أن واشنطن لن تستدعي سفيرها في دمشق لأنها تريد أن يستمر في إيصال هذه الرسائل إلى السلطات السورية.
الموقف الأميركي تزامن مع دعوة روسيا سوريا إلى وقف العنف وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واسعة النطاق. وقال بيان أصدرته الخارجية الروسية عقب لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو إن الجانب الروسي أكد ضرورة إجراء حوار سوري بناء وشامل من أجل تسوية الوضع سلميا من قبل السوريين أنفسهم ودون أي تدخل خارجي.
وقال البيان إن لافروف لفت انتباه نظيره السوري إلى تصريحات الرئيس ديمتري مدفيدف التي قال فيها إن موسكو قد تغير موقفها تجاه دمشق في حال فشل الرئيس السوري في إقامة حوار مع المعارضة.
وأعربت الخارجية الروسية في بيانها عن الأمل بأن تستجيب المعارضة السورية لدعوات إقامة الحوار مع الحكومة "وتبتعد عن المسلحين والمتطرفين الذين يهدفون إلى تصعيد التوتر وتكرار السيناريو الليبي".
كما دعت إلى تأمين الانفتاح الإعلامي لكي تتمكن الأسرة الدولية من الاطلاع على ما يجري في سوريا.
الردود العربية
في غضون ذلك قال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة عبد الله أبو رمان إن الأردن لن يستدعي سفيره بسوريا أسوة بما فعلته السعودية والكويت والبحرين ومن قبلها قطر.
ونقل مراسل الجزيرة نت في عمان محمد النجار عن أبي رمان في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء أن الموقف الأردني من سوريا لم يتغير وأن الأردن قيادة وشعبا يتمنى الاستقرار لسوريا. وقد جاء موقف الوزير الأردني بعد يوم من تعبير وزير الخارجية ناصر جودة عن قلق الأردن من الأحداث الدامية في سوريا.
وقد رحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بإدانة دول عربية وتركيا لأفعال النظام السوري، وشجب العنف ضد المواطنين في مدينتي حماة ودير الزور.
وقال هيغ الثلاثاء إنه يدين العنف ضد المواطنين السوريين في حماة ودير الزور وغيرهما من المدن، الذي ليس هناك أي مؤشر على انتهائه.