طرحت الصين مؤخراً فى السوق المصرية دمية مشنوقة بحبل تمثيلا لشخص الرئيس السابق حسنى مبارك بحجمين، إحداهما صغيرة وصل ثمنها إلى 15 جنيهاً للدمية الواحدة، والأخرى كبير الحجم بـ 25 جنيهاً، وهو ما أثار تساؤلا حول حكم الإعدام الذى أصدرته الصين على مبارك قبل أن ينطق به القضاء المصرى المنوط والمسئول الوحيد عن إصدار الأحكام ضد أى متهم بارتكاب جريمة معينة.
"اليوم السابع" استطلعت أراء الخبراء وعلماء النفس حول تأثير هذه الدمية بشكل عام فى تكوين رأى عام مع أو ضد الرئيس السابق، وهل يعد إغراق السوق المصرية بهذه الدمية اختراقا لسيادة الدولة وتعديا على استقلالية القضاء؟
قالت الدكتورة سلوى شعراوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هذه الدمية تعكس إملاء من دولة أجنبية لإصدار حكم بهذا الشكل، كما يمثل تعديا على سيادة الدولة المصرية وقضائها. وأكدت سلوى أن هناك مأخذين قانونيين، الأول يعتبر أن مبارك شخصية عامة مما يجعل محاكمته جزءاً من حرية الرأى والتعبير مثلما حدث فى الدنمارك من إساءة لشخص النبى عليه السلام، واعتبروها حرية تعبير عن الرأى، وبهذا لا تقع الصين تحت المساءلة القانونية، أما الشق الثانى هو أن المتهم البرىء حتى تثبت إدانته، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وأضافت شعراوى أن ما تحتويه الدمية من معنى قد يفعل ما نخشاه، وهو كسب مبارك للتعاطف الشعبى بإثارة حفيظة المصريين المعروفين بأنهم شعب عاطفى، فعندما يشعر بانتهاك سيادته فقد يؤدى ذلك إلى ردة فعل عكسية وتكوين رأى شعبى عام ضد حكم الإعدام، مطالبة السلطات المصرية باتخاذ موقف رسمى للرد على هذا التعدى والإهانة التى وجهتها الصين لمصر.
وعلى الجانب الآخر اختلف رجال منظمات المجتمع المدنى فى تقييمهم لتأثير هذه الدمية على محاكمة مبارك، فبعضهم يرى أن دمية الصين تعبر عن مطلب شعبى وهو تنفيذ الإعدام، فيما يرى البعض الآخر أنها إهانة للمصريين وإرهاب للقضاء.
محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى قال إنه لا يوجد تعد على حقوق الرئيس المخلوع مبارك والمتهم فى قضية قتل المتظاهرين ودولة الصين نقلت نبض الشارع المصرى، وعبرت عنه بشكل تجارى بطرحها هذه الدمية فى السوق المصرية، لأنها متأكدة أنها سوف تلقى قبولا عند الناس.
وأضاف أنها لم تتخط الحكم المتوقع على مبارك، وهو عقوبة الإعدام لا محالة باعتباره حكماً عادلا لشخص تم اتهامه بقتل أكثر من ألف مصرى، موضحا أن الدمية هنا تعبر عن مطلب شعبى وليس إملاء من دولة أجنبية والصين لم تفعل شيئا تعاقب عليه".
وفى نفس السياق، قال أيمن عقل مدير مركز ماعت للدراسات الحقوقية "هذا استهزاء بكرامة المصريين وإهانة لرموزها وتدخل سافر فى شئوننا الداخلية، وبصرف النظر عن أخطاء مبارك الذى يحاكم عليها حاليا فقد نالته هذه الدمية بإهانة، وهو رمز من رموز مصر حكمها 30 عاما".
من جانبها، قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية الجنائية إن تأثيرها سلبى، حيث تخلق خللا فى المعايير بسبب عدم احترام القانون باعتباره المعاقب الأول الذى لم يصدر حكمه حتى الآن، خصوصا أن الأطفال لديهم تكوين مسبق وتشويش سمعى وإعلامى، مما جعلهم يعانون من حالة تذبذب، وبالتالى يصبحون أرضاً خصبة لترسيخ العنف لدرجة عدم احتكامهم للقانون عند كبرهم، موضحة أن مثل هذه الأحكام المسبقة ستجعلهم لا ينظرون لكلمة القضاء، وأن الدمية التى يتم بها مخاطبة النشء الجديد تهدف إلى تربية جيل عنيف ودموى بترسيخ مبدأ الانتقام والشماتة، كما يؤدى لاختراق هوية الثقافة المصرية.