رغم أن بعض الأصوات المصرية شككت في احتمال حضور الرئيس المخلوع حسني مبارك أولى جلسات محاكمته بعد قيام قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام ميدان التحرير بالقوة في مطلع أغسطس ، إلا أن الوقائع على الأرض جاءت لتدحض مثل هذا الأمر وتؤكد في الوقت ذاته مصداقية وعود المجلس العسكري وحكومة شرف في هذا الصدد .
ففي 2 أغسطس وقبل ساعات من انطلاق المحاكمة ، فوجيء المصريون بكشف كافة تفاصيل خطة نقل مبارك من شرم الشيخ للقاهرة وأولى جلسات محاكمته .
والبداية في هذا الصدد كانت مع تأكيد مصدر أمني أن وزارة الداخلية انتهت من ترتيبات تأمين المحاكمة وإعداد المقاعد المثبتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين وأسر شهداء الثورة وهيئة الدفاع عن المتهمين وكذلك إعداد قفص الاتهام الذي يضم المتهمين .
وأضاف المصدر أنه تم وضع بوابات الكترونية لكشف المعادن وأجهزة المتفجرات على مداخل وأبواب مبنى أكاديمية الشرطة إلى جانب وضع خطة أمنية محكمة وغير مسبوقة بمشاركة بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية لتأمين المناطق المجاورة والمحيطة بالمبنى شاركت في تنفيذها عناصر من المخابرات العامة وجهاز الأمن الوطني.
وفي السياق ذاته ، أكد اللواء محمد نجيب مدير أمن جنوب سيناء أنه تم وضع خطة تأمينية بالتنسيق مع القوات المسلحة، لنقل الرئيس السابق حسني مبارك من مقر محبسه في مستشفى شرم الشيخ الدولي إلى قاعة محاكمته بأكاديمية الشرطة بالقاهرة مع ضمان وصوله إلى هناك قبل موعد المحاكمة صباح الأربعاء الموافق 3 أغسطس .
وشدد نجيب على أنه تقرر نقل مبارك تحت أي ظروف ومهما كانت حالته الصحية ، قائلا :" لا تراجع عن نقله، مديرية الأمن ملتزمة بتنفيذ ما جاء في إخطار النيابة الخاص بنقل مبارك لحضور المحاكمة في قضية قتل المتظاهرين".
وتابع أن السرية التي أحاطت بخطة تأمين نقل مبارك وموعد النقل كانت تهدف لتأمين عملية النقل بعيدا عن تجمهر المواطنين لحضور هذا الحدث التاريخي وتلافيا لحدوث أية احتكاكات.
وبجانب تصريحات نجيب ، فقد كشف مصدر أمني أيضا عن ملامح الخطة الأمنية الموسعة التي وضعتها الأجهزة الأمنية المعنية بوزارة الداخلية بالتنسيق مع القوات المسلحة .
وأضاف المصدر أنه تقرر أن يشارك في خطة تأمين محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار مساعديه أكثر من 20 مدرعة ونحو 3 آلاف من جنود وضباط الأمن المركزي والبحث الجنائي والأمن العام، فيما تم فرض كردون أمني من جانب القوات المسلحة على منافذ دخول الأكاديمية، والاطلاع على تحقيق الشخصية لكل من صدر له تصريح بحضور الجلسة من الإعلاميين والمحامين المدعين بالحق المدني.
كما تم وضع خطة مرورية شاملة لمنع التكدسات المرورية بالمناطق المؤدية إلى الأكاديمية، وخاصة مناطق مدينة نصر والطريق الدائري وطريق الأوتوستراد، بالإضافة إلى الاستعانة بالكلاب البوليسية والبوابات الإلكترونية لتفتيش الحضور، على أن يتم تسليم جميع الهواتف المحمولة إلى أمن الأكاديمية قبل الدخول إلى القاعة.
تصريحات العيسوي
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد أكد وزير الداخلية المصري منصور العيسوي في تصريحات لصحيفة "المصري اليوم" حضور مبارك أول جلسات محاكمته ، قائلا :" تقرر نقل مبارك بطائرة عسكرية من مستشفى شرم الشيخ إلى مقر المحكمة لحضور الجلسة الأولى في 3 أغسطس حيث تهبط الطائرة داخل مبنى أكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الخامس بشرق القاهرة والذي تنعقد فيه المحاكمة ويوجد به مهبط للطائرات" ، وأضاف " كان هناك تنسيقا تاما مع القوات المسلحة لنقل مبارك وتم اعتماد الخطة النهائية لتأمين المحاكمة".
وفي رد ضمني على شكوك البعض في احتمال حضور مبارك المحاكمة ، قال العيسوي :"لا نريد احتقانا بين الناس في الشارع نتيجة عدم حضوره ".
ورغم أن التصريحات السابقة التي صدرت عن العيسوي بعثت الطمأنينة في قلوب المصريين ، إلا أن ما أحرج الأصوات المشككة التي تحاول عن قصد أو غير قصد إثارة بلبلة في الشارع هو قيام مصادر أمنية بتسريب كافة تفاصيل خطة نقل مبارك للقاهرة ومحاكمته لبعض وسائل الإعلام.
ووفقا لهذه المصادر ، فإنه تقرر نقل مبارك بطائرة عسكرية من طراز"c130 " من مستشفى شرم الشيخ لمطار ألماظة تحمله بعدها هليكوبتر لأكاديمية الشرطة ، بل ورجحت أيضا إيداعه المستشفى العسكرى بالمعادى بعد انتهاء أولى جلسات محاكمته أمام الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات شمال القاهرة والتى تم تحديد أكاديمية الشرطة مكانا لها.
وفي التفاصيل ، كشفت المصادر السابقة أنه تقرر نقل مبارك في السابعة صباحا قبل ساعتين من جلسة محاكمته من مستشفى شرم الشيخ إلى مطار ألماظة العسكري ، مشيرة إلى استخدام الطائرة العسكرية "c130 "حاملة الجنود" ذات المحركات الأربعة في تلك المهمة بعد أن تم تجهيزها بوحدة عناية مركزة كاملة .
وتابعت " تقرر هبوط الطائرة بعد قرابة الساعة والنصف من تحركها ليستقل الرئيس السابق طائرة هيلوكوبتر مجهزة طبيا لنقله إلى مقر محاكمته بأكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس قرابة الساعة التاسعة صباحا".
وأضافت المصادر ذاتها أيضا أنه بعد هبوط الطائرة ، تقرر أن ينقل الرئيس السابق إلى داخل قاعة المحكمة التي أعدت خصيصا لمحاكمته ونجليه جمال وعلاء ورجل الأعمال حسين سالم واللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق وعدد من قيادات الوزارة في قضايا قتل الثوار.
وأشارت إلى أنه تقرر أن تبدأ جلسة المحاكمة في قرابة التاسعة صباحا بعد إحضار المتهمين جمال وعلاء مبارك وحبيب العادلى وواللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق واللواء عدلى فايد مساعد وزير الداخلية لمصلحة الأمن العام السابق واللواء أحمد رمزى مساعد الوزير السابق لقطاع الأمن المركزى واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق في موكب حراسة كبير جدا بالتعاون بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد كشفت المصادر السابقة أيضا عن إجراءات المحاكمة ذاتها ، حيث يتم إدخال حاملى التصاريح من أقارب المتهمين من الدرجة الأولى وسيودعون فى يسار القاعة بالقرب من قفص الاتهام وسيتم الفصل بينهم وبين باقى الحاضرين فى القاعة من محامين ومدعين بالحق المدنى بحاجز حديدى كبير بقاعة المحاضرات "1" التي تشهد المحاكمة .
وعلى الجانب الآخر من القاعة يجلس المحامون والإعلاميون ، أما المشهد خارج القاعة فسيكون هناك حشد من قوات الجيش والشرطة التي ستتولى تأمين قاعة المحكمة من الداخل، بالإضافة إلى وجود عدد من سيارات الإسعاف المجهزة بوحدة إسعاف كاملة ووحدات العناية المركزة وذلك تحسبا لحدوث أى مشاكل صحية لأى من المتهمين أو الحضور.
كما سيكون هناك حشد كبير من قوات الجيش عبارة عن الدبابات والمدرعات وحاملات الجنود، بالإضافة إلى عدد كبير من جنود الأمن المركزى وضباط الشرطة بقصد الإحاطة بمبنى الأكاديمية، وذلك خوفا من حدوث أى اشتباكات من قبل أهالى الشهداء والذين تم إعداد شاشات خاصة لهم لمتابعة سير القضية داخل قاعة المحكمة.
وبعد انتهاء الجلسة ، سيتم إعادة المتهمين إلى محبسهم بسجن طرة ونقل الرئيس السابق إلى مستشفى المعادى العسكرى باستخدام الطائرة الهيلوكوبتر والتى سيقبع بها لحين الجلسة القادمة له في اليوم التالى.
وبجانب كشف التفاصيل السابقة ، فإن ما يبعث على الطمأنينة أيضا هو تركيز الصحف المصرية الصادرة الثلاثاء على أن مبارك سيجلس أخيرا في قفص الاتهام وهو أمر كان بعيدا عن خيال أي مصري قبل ستة أشهر فقط.
وعنونت "المصري اليوم" في الصفحة الأولى "العيسوي يشرف على تجهيز القفص"، بينما أكدت صحيفة التحرير المستقلة في صدر صفحتها الأولى "تجهيز قفص مبارك"، كما نقلت صحيفة الشروق عن مصدر أمني القول إن الرئيس السابق أعد نفسه للمثول أمام محكمة جنايات القاهرة ، مؤكدا رغبته في الحضور بأي طريقة للرد على كل الاتهامات الموجهة إليه وإلى نجليه .
دلالات هامة
وبصفة عامة ، فإن محاكمة مبارك التي يتابعها الملايين عبر البث المباشر للتليفزيون المصري جاءت لتدحض كافة الاتهامات التي وجهها البعض للمجلس العسكري حول تلكؤه في الإقدام على مثل هذه الخطوة ، بل ومن شأنها أن تدخل الفرحة في قلوب أسر الشهداء وتفوت الفرصة على المتربصين بثورة 25 يناير من أنصار الثورة المضادة والموساد الإسرائيلي .
وهناك أمر آخر هام في هذا الصدد وهو أن محاكمة مبارك جاءت لتؤكد أن السياسة الخارجية لمصر الثورة ودعت سنوات التبعية والرضوخ لضغوط الخارج ، حيث ترددت تقارير صحفية كثيرة في الفترة الماضية حول محاولات بذلتها دول عربية وأمريكا وإسرائيل لإجهاض هذا الأمر.
بل وهناك من أكد أن الاتهامات المتبادلة بين المتهمين خلال المحاكمة ستدفع المتعاطفين مع مبارك لإعادة حساباتهم وهو أمر سيسرع بعودة الاستقرار لمصر الثورة .
مفاجأة الجندي
فمعروف أن كلا من الرئيس السابق مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال المقبوض عليه في إسبانيا حسين سالم وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من مساعديه سيحاكمون بتهم قتل المتظاهرين والتربح والإضرار العمدي بالمال العام وتصدير الغاز لإسرائيل.
وفي 16 يوليو ، كشف محمد الجندى رئيس هيئة الدفاع عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى أن موكله قرر التقدم بطلب إلى مجلس القضاء الأعلى حول ضرورة نقل محاكمته في الاتهامات المنسوبة إليه بقتل المتظاهرين على الهواء مباشرة وذلك بعد يوم من نشر إحدى الصحف المصرية ما قالت إنه نص التحقيقات مع الرئيس المخلوع حسني مبارك .
ونقلت صحيفة "الأهرام" حينها عن الجندي القول إن العادلي يهدف من الإجراء السابق إلى الرد على ماجاء فى تحقيقات الرئيس السابق التي نشرتها إحدى الصحف لكشف الحقائق أمام الرأى العام.
وكانت صحيفة "اليوم السابع" نشرت في 16 يوليو ما قالت إنه نص التحقيقات مع مبارك الذي أكد أنه لم يأمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وأنه لم يكن يعرف مطالبهم إلا أثناء المظاهرات وأن المعلومات التي كان ترده مصدرها وزارة الداخلية والمخابرات العامة.
وشدد مبارك على أن وزير الداخلية أبلغه أن يوم 25 يناير سيشهد احتجاجات من عدد من الناس - حسب قوله - مضيفاًَ أنه طلب من الوزير التعامل مع المتظاهرين بدون عنف، وعدم استخدام أسلحة أو ذخائر في مواجهتهم، أو حمل الأسلحة أثناء وجود المظاهرات.
وأشار إلى أن العادلي أخبره أن المتظاهرين "هيبدأوا يمشوا الساعة 12 ليلاً، وبأنهم إن لم يمتثلوا فسوف يفقرهم بالمياه"، لافتاً إلى أن المظاهرات فرقت بالفعل ولم يبلغه أحد في هذا اليوم بحدوث إصابات أو وفيات.
وأكمل مبارك حديثه عن المظاهرات، موضحاً أنه يومي 26 و 27 يناير وقعت مظاهرات في عدة محافظات، ولم يخطره أحداً بحدوث وفيات أو إصابات خلالها، وفي يوم 28 يناير "جمعة الغضب" أُبلغ أن الأمن المركزي "بينضرب ومعهوش سلاح، فجريوا"، وهنا أمر بتكليف القوات المسلحة بمساعدة وزير الداخلية في حفظ الأمن والنظام في الشارع دون استخدام للقوة أو العنف أو الأسلحة.
موقعة الجمل
وعن "موقعة الجمل" ، قال مبارك: "في 2 فبراير شفت الصبح في التليفزيون مظاهرات وفيه جمل في وسطهم بيجري، فاندهشت، وعرفت بعد كده إن الناس بيسموها موقعة الجمل".
وأضاف "بعد ذلك هدأ الحال، ولكن زادت مطالب المتظاهرين، وفقدت السيطرة الأمنية، فألقيت خطابين أوضح للشعب التفاصيل، وطلبت من القوات المسلحة أن تتدخل لضبط الشارع وتقوم بدور الأمن بصورة كبيرة.
وتابع "لكنهم بحكم طبيعة وظيفتهم ماكانوش يقدروا عليها، فلم يقوموا بها على النحو المطلوب، ولما وجدت المهمة ثقيلة على القوات المسلحة ولم تمكن من أدائها كاملة باعتبارها غير مؤهلة لهذا، فقررت التخلي عن الحكم وتركه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وحضرت لشرم الشيخ للإقامة فيها".
وعن أسباب الاحتجاجات، قال الرئيس المخلوع: " كانت متعلقة بتعديل بعض مواد الدستور وزيادة نسبة الفساد، وعلى ما أذكر فكرة التوريث التي لم يكن لها أي أساس في الواقع".
وأشار إلى أنه عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية، لمناقشة المظاهرات قبل انطلاقها، مضيفاً أنه أصدر تعليمات بمحاولة تنفيذ مطالب المتظاهرين ونبه على ضرورة التعامل السلمي معهم.
وأوضح أن الجهات التي تلقى منها التقارير عن المظاهرات تتمثل في وزارة الداخلية والمخابرات العامة التي كانت تخطر الداخلية بما لديها من معلومات في هذا الشأن، لافتاً إلى أنه كان يحصل على المعلومات بصورة شفهية".
وعن سؤال مبارك عن التوقيت الذي علم فيه استخدام القوة ضد المتظاهرين، قال: "أنا علمت من كلام وزير الداخلية بأن الأمن المركزي بينضرب، وجريو لأن معهمش سلاح، ولم أخطر بوجود إصابات أو قتلى أثناء المظاهرات".
وأضاف "المظاهرات كانت بأعداد بسيطة"، مشيراً إلى أن حبيب العادلي هو من يستطيع تقييم حجمها الفعلي ومطالبها باعتباره مسؤولاً عن الأمن.
وبسؤاله عن تفسيره لوقوع إصابات ومصابين في المظاهرات، رد مبارك قائلاً: "ما أقدرش أقول بالضبط، لكن الشعب بتاعنا كده والأمن كده"، مضيفاً أن "المسألة كانت فوضى، والطرفان بيضربوا في بعض وماحدش كان حيسأل في تبادل ولا في قرارات"، مبرراً بذلك عدم قدرته على استخدام صلاحياته لوقف العنف ضد المتظاهرين.
مكتبة الإسكندرية
وحول حساب مكتبة الإسكندرية البنكي، أوضح حسني مبارك أنه في عام 1989 ظهرت أصوات تطالب بإعادة بناء مكتبة الإسكندرية القديمة، وهو الأمر الذي دفعه إلى جمع تبرعات لها، فدعى مجموعة من الشخصيات الدولية على رأسهم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، والشيخ زايد، وصدام حسين، السلطان قابوس، لذلك الأمر، وبلغت التبرعات حينها 70 مليون دولار.
وأضاف أنه قام بفتح حساب بنكي باسم مكتبة الإسكندرية بالمبلغ، موضحاً أن الحساب لا يتم التصرف فيه رسمياً بالسحب أو الإيداع إلا من رئيس الجمهورية، وأنه لم يحرر توكيلاً لأحد يصرف منه سحباً أو إيداعاً، لافتاً إلى أن الحساب كان في البنك الأهلي فرع مصر الجديدة.
وأكد مبارك أن حساب بنك الإسكندرية لم يتم السحب منه سوى مرتين أو ثلاثة تقريباً بناء على طلب المكتبة ذاتها.
وهنا سأله المحقق عن أسباب اختصاصه بالتصرف في حساب المكتبة بالبنك الأهلي ولم يترك ذلك للمسؤول عن المكتبة آنذاك، فرد قائلاً: "في وقت فتح الحساب لم تكن المكتبة موجودة وتم جمع هذه التبرعات من أجل إعادة إنشائها مرة أخرى".
وأضاف أنه لم يترك التوقيع على السحب لوزارة التعليم العالي باعتبارها الجهة التي تتبع لها الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية، حتى لا يستخدم وزير التعليم العالي الحساب في جهات أخرى، ولضمان أن أموال التبرعات لن تندمج في ميزانية الدولة.
وهنا واجهه المحقق بسؤال آخر عن أسباب عدم تحويل التبرعات للحسابات الخاصة لمكتبة الإسكندرية التي أنشئت وفقاً للقانون رقم 1 لسنة 2001.
وكان رد مبارك: "أنا ماكنتش أعرف هذا الموضوع لأن القانونيين لم يقولوا لي، وكان غرضي المحافظة عليها من الاستخدام في أوجه أخرى"، مضيفاً أنه لم يخطر مدير مكتبة الإسكندرية بأمر فتح الحساب، قائلاً: "أنا لم أخطره لأنه لو كان عرف كان هيطلب ياخدها".
تصدير الغاز لإسرائيل
وعن تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، أكد الرئيس المخلوع أن إسرائيل كانت لها الحق في شراء البترول المصري من خلال الدخول في مناقصة، وفقاً لبند في اتفاقية كامب ديفيد، وبالفعل صدرت مصر البترول لإسرائيل لفترة محددة.
وأضاف أن الدولة كانت في حاجة إلى البترول المصدر إلى إسرائيل، فاتفق مع الحكومة الإسرائيلية على وقف تصدير البترول إليها وتعويضها بالغاز، وكلف الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، بإدارة ملف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لتحديد سعر الغاز وكيفية تصديره.
وأشار إلى أن السعر الذي اتفق عليه كان دولاراً للوحدة الحرارية، ولكن بعد ارتفعت أسعار الغاز، وأعيد التفاوض مرة أخرى ليرتفع السعر إلى ثلاثة دولارات مع مراجعة الأسعار كل ثلاث سنوات.
وأوضح أن شركة "شرق البحر المتوسط" وقع الاختيار عليها لتصدير الغاز لإسرائيل لأن المخابرات العامة المصرية تساهم بنسبة كبيرة فيها، كما أن بها مساهمون آخرون من بينهم الهيئة العامة للبترول ورجل الأعمال حسين سالم.
ونفى مبارك نفياً قاطعاً صداقته بحسين سالم التي أكدها في التحقيقات اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، قائلاً: "هو رجل أعمال مثله مثل رجال الأعمال الآخرين، قابلته مرة واحدة في أمريكا أيام تولي منصب نائب رئيس الجمهورية واستعنت به مع مجموعة من رجال الأعمال فيما بعد للتنمية في سيناء".
كما نفى وجود أية علاقة تجارية أو شراكة اقتصادية في الداخل أو في الخارج مع حسين سالم، لافتاً إلى أنه تعامل مع سالم تجارياً لمرة واحدة فقط، عندما اشترى هو وعائلته 5 فيللات منه في التسعينات.
وكذب مبارك للمرة الثانية أقوال عمر سليمان حول تكليفه لحسين سالم بتأسيس شركة "شرق البحر المتوسط"، قائلاً: "هذا الكلام غير صحيح ولم أكلفه بتأسيس شركة واللي كلفه الدكتور عاطف عبيد".
وشدد على أن أسعار تصدير الغاز لإسرائيل قامت بتحديدها الهيئة العامة للبترول ولجنة ترأسها وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد، مضيفاً أن تلك الجهات هي المسؤولة عن وجود شبهة إهدار المال العام في ذلك الشأن.
وفي سياق آخر، نفى الرئيس المخلوع حسني مبارك تلقيه سبيكة ذهبية من شركة "حمش مصر" لمناجم الذهب على سبيل الهدية، مردفاً بالقول: "لم أهدى بأي سبائك ذهب من أي حتة". وأضاف: "الكلام ده غير صحيح ويمكن حد أخذها وبيدعي إن أنا اللي أخدتها".
وبالنظر إلى أن مبارك "83 عاما" قد يواجه عقوبة الإعدام إذا ما أدين بالاتهام الموجه له وهو اشتراكه بطريق الاتفاق مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وبعض قيادات الشرطة في ارتكاب القتل العمد للمتظاهرين مع سبق الاصرار ، فإنه يتوقع أن تأتي جلسات محاكمته بمفاجآت لا حصر لها حول المسكوت عنه بشأن الفساد السياسي والمالي في سنوات حكمه الثلاثين.